شواهد شدّة اهتمام الإسلام بالوفاء بالعهد
2024-02-03

واللافت للنظر أن الإسلام أكد على الوفاء بالعهد في مواضع تدل على شدة تركيزه عليه والاحتياط في مراعاته:

1- ما إذا احتاج بعض المسلمين للدعم حفاظاً على دينهم، حيث يجب دعمهم إلا إذا كان لخصمهم عهد وميثاق، فإن الوفاء بالعهد أهم من النصر في الدين.

قال الله تعالى:[ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ] (سورة الأنفال الآية: ۷۲) .

وقد تقدم أن النبي (صلى الله عليه وآله) لما عاهد قريشاً على أن من جاءه منهم من دون إذن وليّه أرجعه إليهم، قد طبق ذلك، فأرجع من جاء منهم وفاء منه (صلى الله عليه وآله) بعهده، ولم يخالف ذلك حتى تراجعت قريش عن شرطها.

2ـ ما اذا عاهد واحد من المسلمين عنهم من دون إذنهم، فاطمأن لعهده الطرف الآخر ، حيث يجب على الباقين تنفيذه.

3ـ ما إذا ظنوا خطأ أن المسلمين أعطوهم الأمان، فإنه يجب العمل على ما ظنوه وإن كان خطأ.

4ـ ما إذا كان بين بعض فئات الكفار وفئة أخرى منهم عهد، فغدرت إحداهما بالأخرى ونقضوا العهد، وطلبت الفئة الغادرة الدعم من المسلمين، فإنه لا يجوز لهم دعمهم.

غاية الأمر أنه يجوز للمسلمين - مع تحقق شروط الجهاد - قتال الفئة المغدورة استقلالاً - بعد أن لم يكن لهم عهد مع المسلمين - من دون ارتباط بالفئة الغادرة.

5ـ ما سبق في عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) لمالك الأشتر من قوله: ((ولا تعقد عقداً تجوز في العلل)) حيث إن الظاهر منه لزوم وضوح بنود العقد وصراحتها، بحيث لا يمكن أن يتشبث أحد الطرفين باحتمال فيه تقتضيه مصلحته.

٦ - ما سبق فيه أيضاً من قوله (عليه السلام): ((ولا تعوّلن على لحن قول بعد التأكيد)) حيث يظهر منه أنه لا ينبغي بعد التأكيد التشبث باحتمال يصحح النقض من قول أو فعل موهم.

وهذا كله يدل على أهمية العهد في الإسلام وعظم المسؤولية فيه. وقد عرف عن النبي (صلى الله عليه وآله) وأهل البيت (عليهم السلام) الالتزام بالعهد، وإن أحرجهم ذلك في كثير من الموارد، منها ما تقدم من النبي (صلى الله عليه وآله) في صلح الحديبية.





خاتم النبيين (صلى الله عليه وآله)، 271، 274

آية الله العظمى السيد محمد سعيد الطباطبائي الحكيم (قدس سره)