فصاحة النهج وبلاغته
2024-01-30

لابدّ في هذا الأمر من الاستشهاد بأقوال البلغاء والفصحاء والأدباء والشرّاح والكتّاب الذين سبروا - حسب قدرتهم - أغوار نهج البلاغة فتأثروا بما لمسوه من حلاوة وطلاوة في فصاحته وبلاغته وسحر بيانه بما لم يعهدوه، فأطلقوا عباراتهم بشأنه ومنهم:

1 - وما أحرانا أن نتجه بادئ ذي بدء صوب جامع نهج البلاغة والذي يعتبر من جهابذة الفصاحة والبلاغة الذي احتل الصدارة من بين فصحاء العرب وبلغائها وقد أفنى عمره في جمع خطب نهج البلاغة، ألا وهو السيد الرضي الذي وصفه الكاتب المصري المعروف الدكتور ((زكي مبارك)) في كتابه ((عبقرية الشريف الرضي)) قائلًا : ((هو اليوم أبدع أبناء الزمان ، وأنجب سادة العراق، يتحلى بأدب ظاهر، وفضل باهر، وحظ من جميع المحاسن وافر ، ثم هو أشعر الطالبيين ، ولو قلت إنّه أشعر قريش لم أبعد عن الصدق)).

يقول الشريف الرضي في مقدمته الرائعة لنهج البلاغة:

((كانَ أميرُ الْمُؤمِنينَ عليه السلام مَشْرِعَ الْفَصاحَةِ وَمَوْرِدَها وَمَنْشَأ الْبلاغَةِ وَمَوْلِدَها وَمِنْهُ ظَهَرَ مَكْنُونُها وَعَنْهُ أخذَتْ قوانينُها وَعَلى أمْثِلَتِهِ حَذا كُلُّ قائِلٍ خَطيبٍ وَبِكلامِهِ اسْتَعانَ كُلُّ واعِظٍ بَليغٍ وَمَعَ ذلِك فَقَدْ سَبَقَ وَقَصَّرُوا وَقَدْ تَقَدَّمَ وَتَأخّرُوا))، ثم يفسر هذا الكلام فيقول : ((لأن كلامه (عليه السلام) الكلام الذي عليه مسحة من العلم الإلهي وفيه عبقة من الكلام النبوي)).



نفحات الولاية، ج ١، الشيخ ناصر مكارم الشيرازي، ص ١٧