تخصيص موضوع الخطبة بمكانة أهل البيت والولاء للإمام (عليه السلام)
2023-06-08

ان النبي خصّص هذه الخطبة بالحديث عن مكانة أهل البيت (عليهم السلام) والولاء للإمام علي (عليه السلام)، حيث لم يذكر فيها موضوعاً آخر كما كان (صلى الله عليه وآله) قد فعل في خطبة عرفة قبل ثمانية أيام (سيأتي في القسم الثاني في إيضاح حول (واقعة الغدير وعلاقة تأخيرها بما حدث من الضوضاء في خطبته بعرفات ودلالات ذلك) أنّ النبي (صلى الله عليه وآله) في خطبة عرفات ذكر التمسك بالثقلين وتطرّق للأئمة من بعده، وذكر أنهم اثنا عشر إماماً، ولكن حدثت ضوضاء حجبت كلامه عن الحضور، إلا أنّ في خطبة عرفات مضامين متنوعة أخرى) - حسب اقتضاء المقام فيها ـ ، وهذا أمر ظاهر بالتأمل في سياق الخطبة فإنّ كل ما جاء فيها من ذكر الله تعالى والدار الآخرة والاستشهاد على ذلك إنما كان تمهيداً فيها، كما أن ذكر التمسك بالقرآن الكريم إنما جاء للأمر معه بالتمسك بأهل البيت (عليهم السلام) حيث جعلها (صلى الله عليه وآله) معاً معبراً عنهما بالثقلين، ولذلك قال: إنهما لا يفترقان، حتى لا يظن ظان إن التمسك بالكتاب وحده يقي الأمة من الضلالة.

 وفي تخصيص الخطبة بموضوع واحد مزيد اهتمام به وبتركيز الحاضرين عليه حتى لا تتشتت أذهانهم بين المواضيع المتعددة، ويتوزع اهتمامهم وانتباههم بينها، كما أنّ ذلك يؤدي إلى حفظ مضمونها وعدم سهولة التعامي عنه، بحيث إذا قيل خطبة الغدير انتقل السامع إلى هذا الموضوع، ولو أنه (صلى الله عليه وآله) ذكر عدة مواضيع لأمكن أن يُترك موضوع التمسك والولاء ويُنقل فيها سائر ما اشتمل عليه، وقد أصبحت هذه الخطبة فعلاً علماً لذكر مكانة أهل البيت (عليهم السلام) والولاء للإمام عليّ (عليه السلام) في السيرة والحديث والتراث التاريخي والأدبي والجغرافي، وساعد هذا التخصيص على حفظ الخطبة وموضوعها كما يظهر بملاحظة نصوصها وحكاياتها في السيرة والروايات والأدب.





واقعة الغدير ( (1) ثبوتها ودلالاتها)، ص145، 146

السيد محمد باقر السيستاني