تطرق فقهاء الشيعة إلى حديث الغدير في موارد متعددة من بحوثهم؛ وقد صرح بعضهم بثبوته، واستدل بعضهم الآخر به على بعض الفروع الفقهية
2020-08-08

مما يشهد على صحته عندهم، وقد ورد ذلك في طيات أبحاثهم وكتبهم الفقهية، وقد تتبعنا بعض تلك الموارد في كتب الفقهاء من المتقدّمين والمتأخّرين، منهم:

 

أولاً: المحقق البحراني المتوفى 1186هـ

قال المحقق البحراني في البحث عن ولي الميت: «وأمّا ما توهمه صاحب المدارك في هذا المقام ـ وإن تبعه عليه جملة من الأعلام ـ حيث قال بعد ذكر رواية غياث المذكورة: وهي مع ضعف سندها غير دالة على أن المراد بالأولوية الأولوية في الميراث، ولا يبعد أن المراد بالأولى بالميت هنا أشد الناس به علاقة لأنه المتبادر، والمسألة محل توقف. انتهى

 

ففيه: أن كلامه هذا مبني على أن المراد بقولهم في تلك الأخبار: (أولى الناس به) معنى التفضيل، فتوهم أن المتبادر من الأولوية على هذا التقدير الأولوية بالقرب وشدة العلاقة، وليس كذلك بل المراد بهذا اللفظ إنما هو الكناية على الولي المالك للتصرف، والتعبير عنه بذلك قد وقع في جملة من أخبار الغدير من قوله’: (ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا بلى يا رسول الله. قال من كنت مولاه فعلي مولاه)، أي: ألست المالك للتصرف فيكم دون أنفسكم.

 

ويزيد ذلك بياناً ما نقله الفاضل الشيخ علي ابن الشيخ محمد بن الشيخ حسن ابن شيخنا الشهيد الثاني في كتاب (الدر المنظوم والمنثور) عن العلامة الفيلسوف الشيخ ميثم بن علي بن ميثم البحراني (عطر الله مرقده) في كتاب النجاة في القيامة في تحقيق أمر الإمامة من أن لفظ (الأولى) إنما يطلق لغة على من يملك التدبير في الأمر والتصرف فيه، قال: وأهل اللغة لا يطلقون لفظ (الأولى) إلا في من ملك تدبير الأمر والتصرف فيه.

 

وبذلك يظهر أن (الأولى) في جملة أخبار الميت من أخبار الغسل وأخبار الصلاة وغيرهما إنما هو بمعنى المالك للتصرف وتدبير الأمر، وهو معنى الولي، كما في ولي الطفل وولي البكر ونحو ذلك»(1).

وقال أيضاً في الصلاة على الميت: >لو حضر إمام الأصل فإنّه أولى من الولي كائناً من كان لقيامه مقام النبي’ الذي هو أولى بالمؤمنين من أنفسهم.

وقوله’ في خطبة الغدير (ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله, قال: من كنت مولاه فعلى مولاه)(2).

 

ثانيا: الشيخ جعفر كاشف الغطاء المتوفى 1228هـ

قال الشيخ جعفر كاشف الغطاء المتوفى 1228 هـ : «وروى الثعلبي بأربع طرق في تفسير قوله تعالى: {يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك}, وأنّها لمّا نزلت أخذ رسول الله’ بيد علي(عليه السلام) وقال: (من كنت مولاه فعليّ مولاه), وروى أحمد بن حنبل في مسنده بستة عشر طريقاً, ورواه الحميدي في الجمع بين الصحيحين, ورواه المغازلي بست طرق ثمّ قال: رواه عن النبي’ نحو مائة رجل.

 

وتأويل المتوغلين في بغضه والانحراف منه لهذا الحديث كتغطية وجه النهار, وخبر يوم الغدير الذي نقلوه في صحاحهم وغيرها بطريق لا حصر لها حتى صنفوا فيه الكتب والرسايل وفيه: أنّ النبي’ قال في حق عليّ: (من كنت مولاه فهذا علي(عليه السلام) مولاه)، والمراد ولاية التصرف والأمر والنهي؛ لأنّه الظاهر أو لأنه لا يرضى العاقل أن النبي’ يأمر بنصب الرحال في وقت الحر الشديد ثمّ يقوم ويجمع الناس ويخطبهم في ذلك الوقت لا لنصب خلافة ولا إمارة سرية ولا إفتاء ولا قضاء ولا إمامة جماعة ولا تولية بيت مال ولا حكومة قرية ولا إمارة حاج ولا غير ذلك إذ كان خالياً من الجميع في أيّامهم, بل لمجرد بيان أنّ من كنت صاحبه فعلي(عليه السلام) صاحبه, ثمّ ما معنى تهنية القوم له(3).

 

وقال في مورد آخر: الذي أنكره المنافقون يوم الغدير وملأ من الحسد قلوبهم النصّ من النبي’ عليه بإمرة المؤمنين, وعن الصادق(عليه السلام): (من قال لا إله الله, محمّد رسول الله فليقل: عليّ أمير المؤمنين(عليه السلام)، ويجرى في وضعه في الإقامة نحو ما جرى في الأذان»(4).

 

ثالثا: محمد حسن صاحب الجواهر المتوفى 1266هـ

قال الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر، عند البحث عن الصيام الاستحبابي:(و) كذا (يوم الغدير) وهو الذي أخذ فيه النبي’ البيعة لأمير المؤمنين(عليه السلام) في غدير خم بعد رجوعه من حجة الوداع، وكان اليوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة من السنة العاشرة من الهجرة على المعروف بين الأصحاب كما نسبه إليهم غير واحد(5).

 

وقال أيضاً عند البحث عن الصلاة علي الميت: (وإمام الأصل(عليه السلام) أولى بالصلاة من كل أحد) بلا خلاف أجده فيه، بل عن ظاهر الخلاف الإجماع عليه، بل لعلّه ضروري المذهب كما اعترف به في كشف اللثام، لأنّه أولى بالمؤمنين من أنفسهم، أو قائم مقامه في ذلك، كما نادى به النبيّ’ في الغدير وإن كان مورده أمير المؤمنين(عليه السلام) إلاّ أنّ المعلوم اشتراك الأئمّة(عليهم السلام) جميعاً به، لاشتراكهم(عليهم السلام) في الإمامة المقتضية له…(6).

 

رابعا: المحقق الهمداني المتوفى 1322هـ

قال المحقق الهمداني عند البحث عن صلاة الميت: «لأن إمام الأصل أولى بالولي والمولى عليه فيما يت مما يشهد على صحته عندهم، وقد ورد ذلك في طيات أبحاثهم وكتبهم الفقهية، وقد تتبعنا بعض تلك الموارد في كتب الفقهاء من المتقدّمين والمتأخّرين، منهم:

 

أولاً: المحقق البحراني المتوفى 1186هـ

قال المحقق البحراني في البحث عن ولي الميت: «وأمّا ما توهمه صاحب المدارك في هذا المقام ـ وإن تبعه عليه جملة من الأعلام ـ حيث قال بعد ذكر رواية غياث المذكورة: وهي مع ضعف سندها غير دالة على أن المراد بالأولوية الأولوية في الميراث، ولا يبعد أن المراد بالأولى بالميت هنا أشد الناس به علاقة لأنه المتبادر، والمسألة محل توقف. انتهى

 

ففيه: أن كلامه هذا مبني على أن المراد بقولهم في تلك الأخبار: (أولى الناس به) معنى التفضيل، فتوهم أن المتبادر من الأولوية على هذا التقدير الأولوية بالقرب وشدة العلاقة، وليس كذلك بل المراد بهذا اللفظ إنما هو الكناية على الولي المالك للتصرف، والتعبير عنه بذلك قد وقع في جملة من أخبار الغدير من قوله’: (ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا بلى يا رسول الله. قال من كنت مولاه فعلي مولاه)، أي: ألست المالك للتصرف فيكم دون أنفسكم.

 

ويزيد ذلك بياناً ما نقله الفاضل الشيخ علي ابن الشيخ محمد بن الشيخ حسن ابن شيخنا الشهيد الثاني في كتاب (الدر المنظوم والمنثور) عن العلامة الفيلسوف الشيخ ميثم بن علي بن ميثم البحراني (عطر الله مرقده) في كتاب النجاة في القيامة في تحقيق أمر الإمامة من أن لفظ (الأولى) إنما يطلق لغة على من يملك التدبير في الأمر والتصرف فيه، قال: وأهل اللغة لا يطلقون لفظ (الأولى) إلا في من ملك تدبير الأمر والتصرف فيه.

 

وبذلك يظهر أن (الأولى) في جملة أخبار الميت من أخبار الغسل وأخبار الصلاة وغيرهما إنما هو بمعنى المالك للتصرف وتدبير الأمر، وهو معنى الولي، كما في ولي الطفل وولي البكر ونحو ذلك»(1).

وقال أيضاً في الصلاة على الميت: >لو حضر إمام الأصل فإنّه أولى من الولي كائناً من كان لقيامه مقام النبي’ الذي هو أولى بالمؤمنين من أنفسهم.

وقوله’ في خطبة الغدير (ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله, قال: من كنت مولاه فعلى مولاه)(2).

 

ثانيا: الشيخ جعفر كاشف الغطاء المتوفى 1228هـ

قال الشيخ جعفر كاشف الغطاء المتوفى 1228 هـ : «وروى الثعلبي بأربع طرق في تفسير قوله تعالى: {يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك}, وأنّها لمّا نزلت أخذ رسول الله’ بيد علي(عليه السلام) وقال: (من كنت مولاه فعليّ مولاه), وروى أحمد بن حنبل في مسنده بستة عشر طريقاً, ورواه الحميدي في الجمع بين الصحيحين, ورواه المغازلي بست طرق ثمّ قال: رواه عن النبي’ نحو مائة رجل.

 

وتأويل المتوغلين في بغضه والانحراف منه لهذا الحديث كتغطية وجه النهار, وخبر يوم الغدير الذي نقلوه في صحاحهم وغيرها بطريق لا حصر لها حتى صنفوا فيه الكتب والرسايل وفيه: أنّ النبي’ قال في حق عليّ: (من كنت مولاه فهذا علي(عليه السلام) مولاه)، والمراد ولاية التصرف والأمر والنهي؛ لأنّه الظاهر أو لأنه لا يرضى العاقل أن النبي’ يأمر بنصب الرحال في وقت الحر الشديد ثمّ يقوم ويجمع الناس ويخطبهم في ذلك الوقت لا لنصب خلافة ولا إمارة سرية ولا إفتاء ولا قضاء ولا إمامة جماعة ولا تولية بيت مال ولا حكومة قرية ولا إمارة حاج ولا غير ذلك إذ كان خالياً من الجميع في أيّامهم, بل لمجرد بيان أنّ من كنت صاحبه فعلي(عليه السلام) صاحبه, ثمّ ما معنى تهنية القوم له(3).

 

وقال في مورد آخر: الذي أنكره المنافقون يوم الغدير وملأ من الحسد قلوبهم النصّ من النبي’ عليه بإمرة المؤمنين, وعن الصادق(عليه السلام): (من قال لا إله الله, محمّد رسول الله فليقل: عليّ أمير المؤمنين(عليه السلام)، ويجرى في وضعه في الإقامة نحو ما جرى في الأذان»(4).

 

ثالثا: محمد حسن صاحب الجواهر المتوفى 1266هـ

قال الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر، عند البحث عن الصيام الاستحبابي:(و) كذا (يوم الغدير) وهو الذي أخذ فيه النبي’ البيعة لأمير المؤمنين(عليه السلام) في غدير خم بعد رجوعه من حجة الوداع، وكان اليوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة من السنة العاشرة من الهجرة على المعروف بين الأصحاب كما نسبه إليهم غير واحد(5).

 

وقال أيضاً عند البحث عن الصلاة علي الميت: (وإمام الأصل(عليه السلام) أولى بالصلاة من كل أحد) بلا خلاف أجده فيه، بل عن ظاهر الخلاف الإجماع عليه، بل لعلّه ضروري المذهب كما اعترف به في كشف اللثام، لأنّه أولى بالمؤمنين من أنفسهم، أو قائم مقامه في ذلك، كما نادى به النبيّ’ في الغدير وإن كان مورده أمير المؤمنين(عليه السلام) إلاّ أنّ المعلوم اشتراك الأئمّة(عليهم السلام) جميعاً به، لاشتراكهم(عليهم السلام) في الإمامة المقتضية له…(6).

 

رابعا: المحقق الهمداني المتوفى 1322هـ

قال المحقق الهمداني عند البحث عن صلاة الميت: «لأن إمام الأصل أولى بالولي والمولى عليه فيما يتعلق بهما من أنفسهما بنص خبر الغدير المتواتر بين الفريقين، وكيف كان، فمن هو أولى الناس به هو من كان أوليهم بميراثه»(7).

 

وقال أيضاً عند البحث عن إحياء الأراضي الميتة: «وفي خبر أبي خالد الكابلي عن أبي جعفر(عليه السلام) قال, وجدنا في كتاب علي(عليه السلام): أنّ الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين … فمن أحيى أرضاً من المسلمين فليعمرها وليؤت خراجها إلى الامام من أهل بيتي, وله ما أكل منها.. الحديث, إلى غير ذلك من الأخبار، وربّما يؤيّده قوله’ في خطبة الغدير : (ألست أولى بكم من أنفسكم) واعتراف المخاطبين به ثمّ إثباته لعلى(عليه السلام), فإنّ كونه أولى بهم من أنفسهم يستلزم كونه أحقّ منهم بالتصرف في أموالهم، ولا نعنى بالملكية إلاّ هذا»(8).

 

خامسا: السيد محسن الحكيم المتوفى 1390هـ

قال السيد محسن الحكيم عند البحث عن ولاية الأب والجد والنبيّ’ والإمام: «مقتضى قوله تعالى: {النبيّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم} ونحوه مثل قوله(ص) في رواية أيوب بن عطية: (أنا أولى بكلّ مؤمن من نفسه)، وقوله’ ـ في حديث الغدير ـ: (ألست أولى بكم من أنفسكم؟) قالوا: بلى قال: (من كنت مولاه فهذا علي مولاه)، ثبوت الولاية للنبي والإمام على النفوس، ومقتضى عدم الفصل والأولوية ثبوت الولاية على الأموال أيضاً»(9).

 

سادسا: السيد الخوئي المتوفى سنة 1413هـ

قال السيد الخوئي عند الكلام عن وظائف الإمام: نصب الرسول’ الأئمة(عليهم السلام) لأمرين:

 

الأوّل: مسألة إبلاغ النّاس الأحكام الشرعية؛ حيث إنّهم عدل القرآن، كما ورد في حديث الثقلين، حيث قال’: إنّي تارك فيكم الثقلين: كتاب الله عزّ وجل وعترتي أهل بيتي، وانّهم لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض، فعلمنا أن بيان الأحكام وظيفتهم(عليهم السلام).

الثاني: الزعامة على الرعيّة؛ حيث أثبتها رسول الله’ في قضيّة غدير خم وغيرها، حيث أثبت لهم الولاية من بعده كما كانت له’ في حياته(10).

 

أما عن ثبوت ولاية الإمام(عليه السلام) على المؤمنين قال: >وهذا ثابت في موارد عديدة، منها: قضية الغدير المشهورة، التي حضرها كثير من المسلمين من مختلف الأقطار والأمصار، وكانت بمرأى ومسمع من الصحابة أنفسهم، حيث جمع النبي’ الناس بعد رجوعه من حجة الوداع في غدير خم، الذي كان على مفترق طرق، وكان الوقت شديد الحر، وخطب بالناس خطبته المعروفة، بعد أن قال لهم: (انه يوشك أن أدعى فأجيب)، وقال للناس: (ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟) فقالوا: اللهم بلى، فقال، وقد رفع رسول الله’ علياً(عليه السلام) حتى بان بياض إبطيه: (من كنت مولاه فهذا على مولاه اللَّهمّ وال من والاه وعاد من عاداه)، وأخذ البيعة لعلي(عليهم السلام)من الناس، حتى قال لعلي نفس الخليفة الثاني: بخ بخ لك يا علي لقد أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة، فكان علي(عليه السلام) هو الولي على الأمة بعد رسول الله، وكل تفسير آخر لكلام الصحابة ينافي فهم الصحابة أنفسهم، حيث انهم فهموا الولاية على الناس بقرينة استشهاد رسول الله’ بكونه أولى بالمؤمنين من أنفسهم الظاهرة في ولاية الرسول’على الأمة، فأثبت النبي’ هذه الولاية التابعة له بصريح القرآن لعلي(عليه السلام)(11).

 

 

 

الهوامش

 

(1) المحقق البحراني، الحدائق الناضرة: ج3 ص378 ـ 379.

(2) المصدر نفسه: ج10 ص393 ـ 394.

(3) جعفر كاشف الغطاء، كشف الغطاء:ج1 ص83ـ 85.

(4) الشيخ جعفر كاشف الغطاء، كشف الغطاء: ج1 ص228.

(5) الشيخ محمد حسن، جواهر الكلام: ج5 ص37.

(6) المصدر نفسه: ج12 ص21.

(7) آقا رضا الهمداني، مصباح الفقيه: ج2 ق 2 ـ ص495.

(8) المصدر نفسه: ج3 ص108.

(9) السيد محسن الحكيم، نهج الفقاهة: ص297 ـ 298 .

(10) السيد الخوئي صراط النجاة،: ج 5 ص 293.

(11) المصدر السابق :ج 6 ص 386.