السادس والعشرون من ربيع الأول ابرام معاهدة الصلح بين الامام الحسن بن ابي طالب (عليهما السلام) ومعاوية بن ابي سفيان سنة 41 هجري
2019-11-24

 صُلح الإمام

أكرهت الظروف الصعبة التي مَرَّ بها الإمام (عليه السلام) على الصُلح مع معاوية إلى أجل هم بالغوه.

فكتب إلى معاوية أو كتب إليه معاوية، على اختلاف بين المؤرخين في شأن الصلح، ورضي الطرفان بذلك بعد أن اتفقا على بنوده، التي لم تكن ترجع إلى الإمام (عليه السلام) إلاَّ بالخير، وعلى الأمَّة إلاَّ بالصلاح.

ومن راجع كلمات الإمام الحسن (عليه السلام) التي قالها بعد الصلح لأصحابه بعد أن أنكروا عليه ذلك، يعرف مَدَى تأثر قضيته بالظروف المعاكسة التي لم تزل ترفع إليهم بالفتنة إثر الفتنة.

فقد قال (عليه السلام) لأحدهم إذ ذاك: (لستُ مُذِلاًّ للمؤمنين، ولكني مُعِزُّهم، ما أردتُ بِمُصَالَحَتي إلاَّ أن أدفع عنكم القتل، عندما رأيت تَباطُؤَ أصحابي ونُكولَهم عن القتال).

وقال (عليه السلام) للآخر في هذا الشأن - وقد كان من الخوارج الذين لم يكن بغضهم للحسن (عليه السلام) وشيعته بأقلِّ عن بغضهم لمعاوية وأصحابه -: (وَيحَك أيها الخارجي!!، لا تقضِ، فإن الذي أحوَجَني إلى ما فعلتُ قَتلُكُم أبي، وطعنكم إيَّاي، وانتهابكم متاعي، وإنكم لما سِرْتم إلى صِفِّين، كان دينُكُم أمامَ دنياكم، وقد أصبحتم اليوم ودنياكم أمام دينكم.

ويحك أيها الخارجي!!، إني رأيت أهل الكوفة قوماً لا يوثق بهم، وما اغْتُرَّ بهم إلاَّ من ذُلَّ، وليس أحدٌ منهم يوافق رأيَ الآخر، ولقد لقي أبي منهم أموراً صعبة، وشدائد مُرَّة، وهي أسرع البلاد خراباً، وأهلها هم الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً).

بنود الصُلح

لذلك ولغيره من الأسباب صالح الإمام (عليه السلام) معاوية، وكتب إليه هذه الوثيقة التالية:

(بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما صَالَح عليه الحسن بن علي بن أبي طالب، معاوية بن أبي سفيان، صَالَحَه على أن يسلِّم إليه ولاية الأمر على:

1-     أن يعمل فيهم بكتاب الله وسُنَّة رسوله، وسيرة الخلفاء الصالحين.

2-     ليس لمعاوية بن أبي سفيان أن يعهدَ إلى أحدٍ من بعده عهداً، بل يكون الأمر بعده للحسن ثم لأخيه الحسين.

3-    الناس آمنون حيث كانوا في شَامِهم، وعِرَاقهم، وحِجَازهم، ويَمَنِهم.

4-    إن أصحاب علي وشيعته آمنون على أنفسهم، ونسائهم، وأولادهم.

وعلى معاوية بن أبي سفيان بذلك عهد الله وميثاقه، وما أخذ الله على أحدٍ من خلقه بالوفاء وبما أعطى الله من نفسه.

5-    على معاوية أن لا يبغي للحسن بن علي، ولا لأخيه الحسين، ولا لأحد من أهل بيت رسول الله، غائلةً، سراً ولا جهراً، ولا يخيف أحداً منهم في أُفُق من الآفاق.

تَعَهَّد عليه فُلان بن فلان، بذلك وكفى بالله تعهيداً).

والموثوق أن مَحَلَّ الصُلح كان مَسكَن ساباط، قريباً من موقع مدينة (بغداد) اليوم، حيث كان معسكر الإمام الحسن (عليه السلام).

فلما أن تمَّ ذلك رجع الإمام (عليه السلام) بمن معه إلى (الكوفة).