الآن انكسر ظهري .. سلام الله على قمر بني هاشم عليه السلام
2019-09-08

وقف الإمام الحسين عليه السلام، وهو ملاذ العالم الوحيد، وموئل عالم الإمكان، وقف إلى جانب جسد أبي الفضل العبّاس عليه السلام، وقال كلاماً لا بدّ أن نفهم منه حجم المصيبة؛ فمن اكتوى فؤاده بولده علي الأكبر عليه السلام، وحمل بيديه جسده إلى المخيم، لم يقل مثل هذه الجملة التي قالها حينما وقف إلى جانب جسد أخيه العباس عليه السلام: "الآنَ انْكَسَرَ ظَهْرِي وَانْقَطَعَ رَجَائِي"، ثمّ عاد وحيداً إلى الخيام.

لماذا لم يحمل الحسين عليه السلام جسد العبّاس عليه السلام إلى الخيام؟ فقد جمعت هناك جميع الأجساد، إلاّ ذلك الجسد الذي بقي في مكانه، لست أقوى على ذكر السبب؛ فإنّ جسده الطاهر كان مقطع الأعضاء، متى ما حُمل منه عضو سقط العضو الآخر. ولما وصل الحسين عليه السلام إلى الخيام هرع إليه النساء والأطفال، يسألونه عن العبّاس عليه السلام، فلم ينبس ببنت شفة، بل ذهب إلى خيمة أخيه، فأزال عمودها لتهوي.

سلام الله على قمر بني هاشم عليه السلام

"سَلَامُ الله، وَسَلَامُ مَلَائِكَتِهِ المُقَرَّبِينَ، وَأَنْبِيَائِهِ المُرْسَلِينَ، وَعِبَادِهِ الصَّالِحينَ، وَجَمِيعِ الشُّهَدَاءِ وَالصِّدِّيقِينَ، وَالزَّاكِيَاتِ الطَّيِّبَاتِ، فِيمَا تَغْتَدِي وَتَرُوحُ، عَلَيْكَ يَا بْنَ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ...".

ذكر أبي الفضل العبّاس عليه السلام في علّيّين

وأردف الإمام الصادق عليه السلام قائلاً: وَرَفَعَ ذِكْرَكَ فِي عِلِّيِّينَ، وَحَشَرَكَ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ، وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحين". فأين هي علّيّون؟ حيث رفع الله تبارك وتعالى إليه ذكر أبي الفضل العبّاس عليه السلام، ذلك الذي جاد بنفسه الكريمة في سبيل الدين بتلك الصورة.

هذه الأيّام هي أيّام عاشوراء، فاسعوا فيها إلى تعريف الناس بعظمة المصيبة، تلك المصيبة الكبرى. فقد كُلّف النبيّ الخاتم صل الله عليه وآله بعملٍ ليس لأحد أن ينهض به سواه، فما هي تلك المسؤولية؟ لقد أعطاه الله تعالى قارورةً، وأمره أن يجمع فيها دم نحر الحسين عليه السلام، فجاء النبي صل الله عليه وآله إلى موضع نحره عليه السلام، فلمّا حُزَّ رأسه الشريف كان النبي صل الله عليه وآله جالساً عند منحره، فوضع الدم في القارورة، هذا كلام حجّة الله في أرضه، ثمّ رفع القارورة إلى السماء، فما بلغ سماءً من السماوات السبع حتّى اقشعرّت، وبلغ الكرسي فاقشعرّ أيضاً، إلى أن انتهى إلى العرش، فوضع القارورة عند أظلّته، وستبقى تلك الأظلّة مقشعرّةً إلى يوم القيامة.


 المصدر: كتاب مصباح الهدى وسفينة النجاة