السابع عشر من شهر شوال من السنة الخامسة للهجرة معركة الخندق ( غزوة الأحزاب)
2019-06-22

 غزوة الخندق (وتُسمى أيضاً غزوة الأحزاب) هي غزوة وقعت في شهر شوال من العام الخامس من الهجرة (الموافق مارس 627م) بين المسلمين بقيادة الرسول محمد(ص)، والأحزاب الذين هم مجموعة من القبائل العربية المختلفة التي اجتمعت لغزو المدينة المنورة والقضاء على المسلمين والدولة الإسلامية. سبب غزوة الخندق هو أن يهود بني النضير نقضوا عهدهم مع الرسولِ محمدٍ(ص) وحاولوا قتله، فوجَّه إليهم جيشَه فحاصرهم حتى استسلموا، ثم أخرجهم من ديارهم. ونتيجةً لذلك، همَّ يهود بني النضير بالانتقام من المسلمين، فبدأوا بتحريض القبائل العربية على غزو المدينة المنورة، فاستجاب لهم من العرب: قبيلة قريش وحلفاؤها: كنانة (الأحابيش)، وقبيلة غطفان (فزارة وبنو مرة وأشجع) وحلفاؤها بنو أسد وسليم وغيرُها، وقد سُمُّوا بالأحزاب، ثم انضم إليهم يهودُ بني قريظة الذين كان بينهم وبين المسلمين عهدٌ وميثاقٌ.

عندما بلَّغ عدد من خزاعة الرسول عن نوايا المشركين وتحضيراتهم للحرب القادمة، تشاور الرسولصلى الله عليه وآله وسلم مع أصحابه حول البقاء في المدينة أو الخروج منها، فاقترح سلمان الفارسي حفر الخندق وقال: "إنا كنا بفارس إذا حوصرنا خندقنا علينا" فقبل الرسول الاقتراح وأمر بحفر الخندق، الأمر الذي لم يكن متعارفا بين العرب آنذاك ولذا أثار دهشة المسلمين والمشركين.

 

فبأمر من الرسول الأكرم بدأ المسلمون بحفر الخندق، حيث وضعوا جبل السلع خلف ظهرهم وحفروا الخندق ابتداء من المذاد ـ وهي قلعة غربي مسجد الفتح ـ وصولا إلى منطقة ذباب وجبل راتج ـ بالقرب من جبل بني عبيد غربي البطحان ـ.

 

وعين الرسولصلى الله عليه وآله وسلم لكل عشرة أشخاص أربعين ذراعا وقيل بأنّه جعل لكل قبيلة حدّا يحفرونه فيقال أنّ المهاجرين حفروا من راتج إلى ذباب، والأنصار من ذباب إلى جبل بني عبيد.  وجُعل للخندق أبواب ووضع من كل قبيلة شخص لحراسة البوابة.

وترغيبا للمسلمين في الأجر وإنجاز العمل ساهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلمفي الحفر أيضا

وقد استعار المسلمون أدوات كثيرة كالمعاول والسلال والمساحي من يهود بني قريظة الذين كانوا آنذاك حلفاء مع الرسول الأكرم.

وفي إحدى هجمات المشركين على معسكر الإسلام، عبر عمرو بن عبد ود ـ الذي كان من أشجع شجعان العرب ويعده بعض المؤرخين كألف فارس ـ الخندق مع بعض من المشركين، فاعترض طريقه الإمام علي (ع) مع بعض المسلمين.

 

بسبب بعض الجراح التي كانت قد أصابت عمرو في غزوة بدر، لم يتمكن من المشاركة في غزوة أحد، ولذا كان قد استعد كل الاستعداد لهذه المعركة، وكان يرتجز ويدعو إلى البراز، فقام له الإمام علي (ع) فمنعه الرسول لعل يقوم شخصا آخر، ولكن دون جدوى، حيث كان الجميع يخشى عمرو ومن معه من شجعان العرب، وبقي عمرو يدعو إلى البراز ولم يجبه أحد حتى صاح بغرور بأن صوته قد نُبح، فأذن الرسول للإمام علي (ع) ليقابل عمرو، وأخذ بعمامته ووضعها على رأس علي (ع) وأعطاه سيفه وأمره بالقتال. فتوجه الإمام علي (ع) لعمرو ودعاه لقبول الإسلام، أو ينسحب من الساحة، فرفض عمرو الاقتراحين، وبدأ قتال عنيف بينهما، وتمكن الإمام علي (ع) من قتل عمرو، وهرب من كان معه، فكبّر المسلمون، ومن ثم قاتل نوفل بن عبد الله الذي كان قد حوصر في إحدى ممرات الخندق وقتله، وعاد بعد ذلك إلى الرسول الأكرم (ص).

 

روايات الرسول الأكرم بحق الإمام علي (ع)

كان لقتل عمرو على يد الإمام علي (ع) أثر بالغ في نصرة الإسلام وهزيمة معسكر الكفر. فلذا قال الرسول الأكرم: "لضربة علي يوم الخندق أفضل من عبادة الثقلين" وفي رواية أخرى قال (ص): "لمبارزة علي بن أبي طالب (ع) لعمرو بن عبد ود يوم الخندق أفضل من أعمال أمتي إلى يوم القيامة" وعندما برز الإمام علي لعمرو قال (ص): "برز الإيمان كله إلى الشرك كله"