17 رجب.. ذكرى تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة
2019-03-25

تمّ تغيير القبلة ۱۷ رجب ۲ هـجري أثناء الركعة الثانية من صلاة الظهر، فقد أخذ جبرائيل (عليه السلام) يد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأداره نحو المسجد الحرام، فتبعه الرجال والنساء في المسجد، وقد صلّى الرسول (صلى الله عليه وآله) مع أصحابه ركعتين، واستدار معه المسلمين تجاه الكعبة وصلّى الركعتين الباقيتين، فكان أوّل صلواتهم إلى بيت المقدس وآخرها إلى الكعبة، فسمّي ذلك المسجد مسجد القبلتين، وكانت صلاة العصر من هذا اليوم أوّل صلاة كاملة صلاّها (صلى الله عليه وآله) تجاه الكعبة المشرّفة.

 وقد طعن السفهاء من المشركين وأهل الكتاب وقالوا: ما وَلاَّهم عن قبلتهم التي كانوا عليها، فنزل قوله تعالى: (َيَقُولُ السُّفَهَاء مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا قُل لِّلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)

تغيير القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة آثار لدى الجميع تساؤلات عديدة، أُولئك الذين قالوا أنّ الأحكام ينبغي أن تبقى ثابتة، راحوا يتساءلون عن سبب هذا التغيير، فلو كانت القبلة الصحيحة هي الكعبة، فلماذا لم يؤمر المسلمون بالصلاة نحوها منذ البدء؟ وإن كانت بيت المقدس فلم هذا التغيير؟

 وأعداء الإسلام وجدوا الفرصة سانحة لبث سمومهم ولإعلامهم المضاد، قالوا: إنّ تغيير القبلة تمّ بدافع عنصري، وزعموا أنّ النبي (صلى الله عليه وآله) اتّجه أوّلاً إلى قبلة الأنبياء السابقين، ثمّ عاد إلى قبلة قومه بعد تحقيق انتصاراته، ولمّا يئس منهم استبدل الكعبة بها.

ولكنّ الله سبحانه أجاب على هذا الاعتراض ـ وأمر رسوله (صلى الله عليه وآله) أن: (قُل لِّلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ).

فليس لمكان قداسة ذاتية، إنّما يكتسب قداسته بإذن الله، وكلّ مكان ملك لله، والمهمّ هو الطاعة والاستسلام لربّ العالمين، وكسر أوثان التعصّب واللجاج والأنانية في النفوس.

كانت نتيجة ذلك القطيعة التامّة بين المسلمين واليهود، حيث كان اليهود يقلّلون من شأن المسلمين بسبب عدم استقلالهم في القبلة وتوجههم نحو القدس، والتي يعتبرونها قبلتهم.

والإعلان عن استقلالية هذا الدين، وفضل مكّة التي ينتمي إليها المهاجرون، وموطن هذا الدين ورسوله (صلى الله عليه وآله)، وكذلك تعبيراً عن انتساب الإسلام للحنفية التي جاء بها النبي إبراهيم (عليه السلام) المشيّد لأركان الكعبة.

 إنّ اتّخاذ الكعبة قبلة، كان من شأنه كسب رضا العرب واستمالة قلوبهم، وترغيبهم في الإسلام، ونبذ الأصنام، وخاصة أنّ الكعبة كانت موضع احترام العرب وتقديسهم منذ أن رفع النبي إبراهيم (عليه السلام) قواعدها.